| ناجي العلي | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
طبيب جراح
*¤مدير المنتدى¤*
عدد الرسائل : 3918 العمر : 37 علم الدولة : رسالتي :
تاريخ التسجيل : 10/09/2007
| موضوع: ناجي العلي 21/12/2007, 7:04 pm | |
| | |
|
| |
طبيب جراح
*¤مدير المنتدى¤*
عدد الرسائل : 3918 العمر : 37 علم الدولة : رسالتي :
تاريخ التسجيل : 10/09/2007
| موضوع: رد: ناجي العلي 21/12/2007, 7:07 pm | |
| | |
|
| |
طبيب جراح
*¤مدير المنتدى¤*
عدد الرسائل : 3918 العمر : 37 علم الدولة : رسالتي :
تاريخ التسجيل : 10/09/2007
| موضوع: رد: ناجي العلي 21/12/2007, 7:09 pm | |
| | |
|
| |
طبيب جراح
*¤مدير المنتدى¤*
عدد الرسائل : 3918 العمر : 37 علم الدولة : رسالتي :
تاريخ التسجيل : 10/09/2007
| موضوع: رد: ناجي العلي 21/12/2007, 7:13 pm | |
| | |
|
| |
طبيب جراح
*¤مدير المنتدى¤*
عدد الرسائل : 3918 العمر : 37 علم الدولة : رسالتي :
تاريخ التسجيل : 10/09/2007
| موضوع: رد: ناجي العلي 21/12/2007, 7:13 pm | |
| | |
|
| |
طبيب جراح
*¤مدير المنتدى¤*
عدد الرسائل : 3918 العمر : 37 علم الدولة : رسالتي :
تاريخ التسجيل : 10/09/2007
| موضوع: رد: ناجي العلي 21/12/2007, 7:14 pm | |
| | |
|
| |
طبيب جراح
*¤مدير المنتدى¤*
عدد الرسائل : 3918 العمر : 37 علم الدولة : رسالتي :
تاريخ التسجيل : 10/09/2007
| موضوع: رد: ناجي العلي 21/12/2007, 7:15 pm | |
| | |
|
| |
طبيب جراح
*¤مدير المنتدى¤*
عدد الرسائل : 3918 العمر : 37 علم الدولة : رسالتي :
تاريخ التسجيل : 10/09/2007
| موضوع: رد: ناجي العلي 21/12/2007, 7:15 pm | |
| | |
|
| |
طبيب جراح
*¤مدير المنتدى¤*
عدد الرسائل : 3918 العمر : 37 علم الدولة : رسالتي :
تاريخ التسجيل : 10/09/2007
| موضوع: رد: ناجي العلي 21/12/2007, 7:16 pm | |
| ما كتبوا
ما كتبه .... أحمد مطر
عندما تتنكر الأرض بهيئة الإنسان بقلم أحمد مطر في رثاء الفنان ناجي العلي
في ظهيرة يوم صيفي من أيام عام 1986 ، اجتمعنا على مائدة الغداء بمنزلي ، وكان باب الصالة مشرعا بوجه الحديقة المجنونة ، حيث الأعشاب التي أهملت قصها قد استطالت بوحشية عاتية ، حتى أصبحت قطعة من الأدغال .. وكانت دفعات الهواء المتأنية تغلغل أصابعها فيها ، مسرحة هاماتها بتموجات متصاعدة ، باعثة وشوشة عميقة موحية .
كان ناجي يحدق فيها مستغرقا . قلت فيما يشبه الإعتذار: لم أجد وقتا لقصها . لكنه هتف باستنكار : ولماذا تقصها ؟ هي هكذا أجمل .. أنظر إليها .. إنها تصرخ بكل براءة الطبيعة .. أتعرف كم أحب هذا المنظر ؟ أود الآن أن أنطلق راكضاً خلالها وكأنني في الأحراش .. هكذا أشعر بعذوبة الأرض وهي على فطرتها ، إنها غير الأرض الخارجة من صالون التزيين ، والجالسة حسب قواعد الإتيكيت .
قلت له ضاحكاً : اغتنم الفرصة ، إذن، قبل زوالها ، وقم فاركض خلالها بعد الغداء . ضغط على يدي ضغطة متوسلة : لا تقصها . لم يكن ممكنا ، بالطبع ، أن تبقى هذه الأعشاب الطفيلية دون قص ، لكنني كنت أفهم شعور صاحبي جيداً ، ولعلي كنت مثله مغرما بمنظرها المتوحش ذاك . ولهذا ، فقد أحسست - ساعتها - بأن نبرته التي كانت دفاعا حاراً عن أعماقه ، إنما هي دفاع ضمني عن أعماقي أنا .
يفهم هذا الشعور من تفتحت عيناه على الخضرة العارمة المتدفقة على رسلها في الحقول ، ومن غاصت رجلاه في طين البساتين ، ومن امتلأت رئتاه برائحة التراب بعد المطر . ربما يبدو الأمر صيغة شعرية للتعبير عن الارتباط بالأرض ، لكنني ، كما عرفت صاحبي ، أمنح نفسي حق القول بيقين أن ناجي كان هو نفسه صيغة شرعية للتعبير عن الأرض ذاتها ، لا مورد هنا للتشبيه أو الكناية أو الاستعارة .. حيث يسقط الفرق بين أن يكون المرء مترعا بروح الأرض ، وبين أن تكون الأرض مشبعة بروح المرء . إن ناجي ، بهذا الوصف ، هو بحق صورة الأرض عندما تتنكر بهيئة إنسان ! كان بسيطاً ، طيباً ، عميقاً ، عنيداً ، صابراً ، ثرَّ العطاء .. وهل تلك إلا انعكاسات شظايا مرآة الأرض ؟ كل شيء كان ينغرس في أعماقه ، إنما يعود ليتفجر على ( صفحته ) بشكله الأصلي دون مواربة أو مجاملة أو تجميل .
بذرة البرتقال تنبت شجرة البرتقال ، وبذرة الحنظل لا تنبت غير الحنظل . ومثلما تُبرز الأرض محتوى بذور الأشياء ، كان ناجي يُبرز محتوى الكائنات المستقرة في أعماقه .. بهيئتها ، حيث لا يمكن لأي شيطان ، أن يغطي اللعنة الملتصقة بجبينه ، بمساحيق العفو أو بطلاء المغفرة .. وحيث لا يمكن لأي ثور ، مهما ثار وأزبد ، أن يبدو على صفحة ناجي خفي القرنين ، ولو وضع على رأسه تاجا بحجم القهر ! تكون الأرض أصدق ما تكون ، عندما تقدم عطاءها طبيعياً خالصاً ، لا شبهة فيه لاشتراك الأيدي المتطفلة .
خذ أية لوحة لناجي ، وتأملها . إنك لن ترى إلا نباتاً طبيعياً ، هو بسيط لكنه أصيل .. وهو مقتصد لكنه غني .. نبات لم يستعر بذوره من أحد ، ولم يستورد سماداً من أحد ، ولم يطلب سقاية من أحد .. اللوحة تشخص من أرض الصفحة نسيجَ وحدها ، شجرة متفردة ، لا تحمل غير ملامحها .. شجرة هي الأرض ، والأرض هي ناجي . أكان اتفاقاً أن يولد ناجي في قرية اسمها ( الشجرة ) ؟ ! تلك الشجرة الطيبة أنبتت شجرة طيبة .. أصلها ثابت وفرعها في السماء ، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها . أذكر أن شاباً فلسطينياً كان يُحضر للدكتوراه في لندن ، اتصل بناجي ، ذات يوم ، وعرفه بنفسه طالبا لقاءه . سأله ناجي على الفور : أرجو ألا تكون من جماعة ( بما أنهُ ) !
وهو يعني بهؤلاء جماعة المتحذلقين الذين تنتزعهم أضواء المدن من هويتهم ، وتستحيل روح فلسطين في أعماقهم مجرد بذلة أنيقة ، وألفاظ منمقة ، تنأى بنفسها عن غبار الشجر أو تراب الأرض . قال له الشاب : كلا .. أنا من جماعتك. فرد ناجي : إذن .. ألف أهلا ومرحبا بك .
ومنذ اللحظة التي التقاه ناجي فيها .. أحبه ، لقد كان بالفعل من جماعته .. شاباً معجوناً بلون الأرض ، ورائحة الليمون ، وطعم الزيتون . لقد رأيت ناجي ، أكثر من مرة ، وهو يبدي ازدراءه بكل قسوة لنماذج أولئك الخارجين على طاعة الأرض ، ورأيته وهو يصفعهم برأيه فيهم .. على وجوههم ، مثلما تصفع الأرض بزلزالها كل ما أمامها ، إذا ضاق صدرها بالنار .
ولعل عزاء الذين فاتهم أن يعايشوا هذه الأرض الطيبة ، شخصياً ، هو أنهم لا يفقدون شيئا كثيراً منها ، حين يعايشون لوحاته .. ذلك أنه حي يتحرك بكل حرارة في كل زاوية من زوايا لوحاته . من لم ير ناجي .. بإمكانه أن يراه ، متى شاء في رسومه .. إن جميع الشخصيات الطيبة المقهورة فيها هي ناجي ، وإن حنظلة في كافة تحولاته هو ناجي ، وإن كل خط في تلك الرسوم هو خفقة من قلب ناجي . وناجي ورسومه والأرض أسماء مترادفة لشيء واحد :
صورة شجرة الأرز في العلم اللبناني تضرب بجذورها في الأرض ، رغم أنها مجرد رسم لقماش على ورق ! إنها روح ناجي التي تطبع المستحيل بطابعها الممكن . سارية العلم النابتة في الأرض .. تتفجر عن غصن ، والغصن يتفجر عن براعم وأوراق وراية ، رغم أن السارية خشبة ميتة .. ذلك لأن كل ما ينبت في الأرض ، هو عند ناجي ، حيّ ، ومورق ، وبشارة بالميلاد حتى لو كان حديدا . إن الموجة المرتطمة بالشاطئ لا تعود إلى البحر .. بل تتحول - عنده - إلى يدين تتشبثان بالأرض .
والنهر العربي عندما يجف ، يتفطر الإنسان العربي الواقف على ضفته . والعربي الزاحف نحو ( النبعة ) ، هو كائن من الطين اليابس المتكسر .. هو الأرض نفسها عندما تظمأ .. أما اللافتة المشيرة إلى طريق النبعة ، فيكفيها الإسم المخطوط فوقها لكي تبرعم وتورق .. لا بد لها أن تورق .. أليست مزروعة في الأرض؟!
عندما تقتلع الجرافة الإسرائيلية تراب الأرض لإقامة المستوطنات لشذّاذ الآفاق ، يظل الفلسطيني متشبثاً بقطعة التراب مواصلا غرس شجرته بإصرار وعناد ، فوق رافعة الجرافة . أطفال ناجي يصنعون دباباتهم بالحجارة ، يرجمون الغاصب بالحجارة ، وكومة حجارتهم نفسها تكتب بنفسها كلمة ( لا ) . قبضة الثائر - عنده - تعتصر الحجر حتى يتقطر بالماء ، ليروي زهرة نابتة في الحجر . يد الثائر الفلسطيني القتيل ، تندلع من قبرها كالنبتة ، حاملة علم فلسطين . الأطفال والفتيان والنساء والرجال، تتطوح أيديهم حرة طليقة كالعواصف وهي تقذف المغتصبين بالحجارة ، لكن أرجلهم ليست سوى جذور أشجار عنيدة تندفع بعيدا في أعماق الأرض .
ذلك هو ناجي العلي .. رجل حمل في صقيع غربته الطويلة ، دفء تراب فلسطين .. كامل تراب فلسطين ، وامتزج به حتى صارا شيئاً واحداً . من هذه الزاوية .. يبدو البون الشاسع بين الشهيد الأبي والشاهد الذليل ، بين القتيل الحي والقاتل الميت ، بين القمة والمستنقع ، بين أن تكون فلسطين هي فلسطين بكل حبة رمل وكل حبة قلب .. وبين أن تكون مجرد مخفر وبساط أحمر وقطيع من الجندرمة !
ما أبشع من يأتي فلسطين سائحاً ، يتقلب فوق ترابها وقلبه فارغ منها حد الاختناق! وما أعظم من يأتي فلسطين سابحاً في فراغ المنفى وقلبه ممتلئ بها حد التنفس ! في موازاة ذلك الوطن الماشي على قدمين لا تزال تمشي في ذاكرة أنفاسي .. رائحة التربة الطرية المختلطة بشميم العشب الندي ، ساعة كنا ننزل جثمانه الطاهر في القبر المحفور حديثا ..
وفيما كان ( جوهر العلي ) شقيقة الأكبر ، يحثو التراب فوقـه، كانت عيناه مغرورقتين بالدمع السخين ، وكان صوته المخنوق بالعبرة الموجعة ينصب في سمعي كماء النار : ( رحمة الله عليه .. ناجي كان يحب رائحة الأرض ). وأمنت على نحيبه بهزة رأسي وانهمار دموعي ، غير أن حسـرة بحجم الكون كانت تضـج في أعماقي معولة : ( ناجي .. هو الأرض نفسها )!
***************** | |
|
| |
طبيب جراح
*¤مدير المنتدى¤*
عدد الرسائل : 3918 العمر : 37 علم الدولة : رسالتي :
تاريخ التسجيل : 10/09/2007
| موضوع: رد: ناجي العلي 21/12/2007, 7:16 pm | |
| ما كتبوا
ما كتبه .... سميح القاسم
عندما بكى ناجي
تسألني عن ناجي العلي، فيمثل جسداً وصوتاً، بيني وبينك أكاد أمد يدي من نافذة مكتبي في (كل العرب) النصراوية لألمس ما تبقى من ركام (الشجرة ) وأشجار صبارها وزيتونها، وفجأة يتقافز بين الأنقاض ولد أسمر أجعد الشعر، محني القامة قليلاً، يناوش، ويشاكس أولاد الحارة بقدمين حافيتين وعينين كعيني الصقر ويكبر هذا الولد فجأة بين أزيز الرصاص ودوي القذائف ليصبح لاجئاً ورسام كاريكاتير، تأخذه الغربة إلى لندن ويأخذه الحزن على الشجرة وعليّ وعليك وعلى زوجته وأولاده، يأخذه في طلقة حمقاء إلى موته غير المنطقي وغير المبرر إلاّ بكونه موتاً فلسطينياً، وكما تعلم فإن الموت الفلسطيني يحتفظ بفرادتة ليحتفظ بفرادة قضيته وبحقه في البعث والحياة، وفي العودة، ناجي العلي، كان صديقاً لصيقاً بالقلب وبالوجدان، كان أخاً مشاكساً يخمش أحباءه لكنه يدمي خصومه وأعداءه، وتعذبني دائماً تساؤلات لا أجد لها حلاً عن يوضاس ( يهوذا الأسخريوطي )، الذي اندس ذات مساء على عشائنا المشترك الأخير الذي أقامه ناجي على شرف قصيدتي في منزله في لندن، أذكر تماماً الآن أنه جلس على الأرض معظم الوقت وكان يحض جميع الضيوف على الطعام ولم يتوقف لحظة عن التذمر من الوضع السياسي، في الليلة نفسها حين لمته على هجومه المكثف على محمود درويش بكى ناجي واتصلنا بمحمود في باريس، وانتهى الخلاف بين الشقيقين وبعد ذلك بشهور اغتيل ناجي العلي، لكن أحداً لا يستطيع اغتيال حنظلة وهذا هو انتقام الشنفرى ( ناجي العلي ) حنظلة يطارد جميع القتلة ويفتك بهم واحداً تلو الآخر وما فعلته جمجمة الشنفرى حين أجهز على خصمه المئة، ستفعله ريشة العلي المتجسدة في حنظلة.
اذا كان لي أن أتحدث عن ناجي الفنان، أعتقد أنني لا أظلم أحداًَ لو قلت أنه الظاهرة الأكثر سخونة وإرباكاً في فن الكاريكاتير العربي على امتداد العقود الخمسة الأخيرة. في رأيي خرج ناجي من دائرة الانتماء الوطني إلى دائرة الانتماء القومي، فالإنساني - الكوني. سيكون شرفاً عظيماً للأمم المتحدة أو لليونسكو أو حتى ما يسمى جامعة الدول العربية أن تطلق اسم ناجي على أكثر من معلم من معالم العرب والعالم. ناجي العلي ما يزال أخاً ورفيقاً وصديقاً لصيقاً بالقلب. عميقاً في الوجدان. لا يذكر اسمه إلاّ وأحس بغصة في الروح ويتكرر التساؤل العفوي البسيط.
لماذا؟؟. ليش؟؟.
سميح القاسم-الرامة
عن مجلة "الهدف"
***************** | |
|
| |
طبيب جراح
*¤مدير المنتدى¤*
عدد الرسائل : 3918 العمر : 37 علم الدولة : رسالتي :
تاريخ التسجيل : 10/09/2007
| موضوع: رد: ناجي العلي 21/12/2007, 7:17 pm | |
| ما كتبوا
ما كتبه .... محمود درويش
ناجي العلي
لا أعرف متى تعرفت على ناجي العلي، ولا متى أصبحت رسومه ملازمة لقهوتي الصباحية الأولى، ولكنني أعرف انه جعلني أبدأ قراءة الجريدة من صفحتها الأخيرة·
كان آخر من رأيت في بيروت بعد الرحيل الكبير الى البحر، كانت بيروته الاخيرة وردة تبكي، وكان يسخر من نفسه لأن الغزاة في صيدا ظنوه شيخا طاعنا في السن بسبب بياض شعره، سألني الى اين سأرحل، قلت: سأنتظر الى ان اعرف، وسألته ان كان سيبقى، قال انه سينتظر الى ان يعرف·
لم يكن احد منا خائفا، لأن المشهد الدرامي في بيروت كان اكبر من أية عاطفة، فرسم بيروت وردة وحيدة، ولم نعلم، لم يعلم احد، ان وراء الوردة وحشا يتقدم من مخيماتنا، لم نعلم ان الحناجر والسكاكين كانت تشحذ جيدا، في ذلك الليل، لتقطع اثداء أمهاتنا، فقد كنا غائبين عن وعي التكهن·· ونحن ننظر الى البحر الغارق في البحر·
ورأيته، للمرة الأخيرة في باريس، يتذكر الا بيروت، قلت له مازحا: أما زلت تنجو لأن الغرباء يظنون انك شيخ طاعن في السن؟ كان يشكو من رئيس التحرير السابق: عدت الى المقهى لأضربه فلم اجده، قلت له: اهدأ، فقد آن لك ان تجد التوازن بين يدك الذهبية ومزاجك العاصف، وكان يهدأ رويدا رويدا·· خطرت له خاطرة: تعال نعمل معا، انت تكتب·· وأنا ارسم·
وكنا صديقين دون ان نلتقي كثيرا، لا اعرف عنوانه ولا يعرف عنواني، تكلمنا مرة واحدة حين امتنعت جريدته عن نشر احدى مقالاتي التي ادافع فيها عن نفسي أمام هجمات احدى المجلات، قال: سأدافع عن حقك في التعبير، وسأتخذ موقفا، قلت له اهدأ·
وكنت أكتب، وكان يرسم·
جميع الذين عملوا معه كانوا يقولون انه اصبح جامحا، وان النار المشتعلة فيه تلتهم كل شيء، لأن قلبه على ريشته، ولأن ريشته سريعة الانفعال والاشتعال لا تعرف لأي شيء حسابا، ولأنه يحس بأن فلسطين ملكيته الخاصة التي لا يحق لأحد ان يجتهد في تفسير ديانتها، فهي لن تعود بالتقسيط، لن تعود الا مرة واحدة·· مرة واحدة من النهر الى البحر·· والا، فلن يغفر لأحد، ولن ينجو احد من تهمة التفريط، ولقد ازدادت نزعة التبسيط السياسي فيه اثناء غربته في لندن، فأعلن الخلاف مع الجميع، وخدش الجميع بريشة لا ترحم، ولا تصغى الى مناشدة الأصدقاء والمعجبين الذين قالوا له:
يا ناجي، لا تجرح روحك الى هذا الحد، فالروح جريح·
وكان الأعداء يسترقون السمع الى هذا الخلاف، كانوا يضعون الرصاصة في المسدس، كانوا يصطادون الفرصة·
كنت أكتب، وكان يرسم·
وحين استبدل عبارتي بيروت خيمتنا الأخيرة بعبارته اللاذعة محمود خيبتنا الأخيرة، كلمته معاتبا: فقال لي: لقد فعلت ذلك لأني احبك، ولأني حريص عليك من مغبة ما انت مقدم عليه، ماذا جرى·· هل تحاور اليهود؟ اخرج مما أنت فيه لأرسمك على الجدران·
لم يكن سهلا عليّ ان اشرح له بأن تدخلنا في أزمة الوعي الإسرائيلي ليس تخليا عن شيء مقدس، وبأن استعدادنا لمحاورة الكتّاب الاسرائيليين الذين يعترفون بحقنا في انشاء دولتنا الوطنية المستقلة على ترابنا الوطني ليست تنازلا منا، بل هو محاولة اختراق لجبهة الاعداء·
لم يكن سهلا ان تناقش ناجي العلي الذي يقول: لا أفهم هذه المناورات·· لا افهم السياسة، لفلسطين طريق واحد وحيد هو البندقية·
كان غاضبا على كل شيء، فقلت له: مهما جرحتني فلن اجرحك بكلمة، لأنك قيمة فنية نادرة، ولكن، بعدما صرت خيبتك الأخيرة لم يعد من الضروري ان نكتب وان نرسم معا، وافترقنا، كما التقينا، على الهواء·
اذكر تلك المكالمة، لأن صناعة الشائعات السامة قد طورتها من عتاب الى تهديد، طورتها ونشرتها الى حد الزمني الصمت، فلقد ذهب الشاهد الوحيد دون ان يشهد احد انه قال ذلك، على الرغم من ان احدى المجلات العربية قد نشرت على لسانه انني عاتبته، وعلى الرغم من انه ابلغ رئيس تحرير القبس بأنه ينوي كتابة رسالة مفتوحة اليّ يشرح فيها عواطفه الايجابية، على الرغم من كل ذلك فإن صناعة الشائعات مازالت تعيد انتاج الفرية، التي لا املك ردا ازاءها غير التعبير عن الاشمئزاز مما وصل اليه المستوى الأخلاقي العام من قدرة على ابداع الحضيض تلو الحضيض·
حين استشهد ناجي العلي، سقطت من قلبي اوراق الأغاني لتسكنه العتمة، الاختناق في الحواس كلها، لا لأن صديقا آخر، صديقا مبدعا، يمضي بلا وداع فقط، بل لأن حياتنا صارت مفتوحة للاستباحة المطلقة، ولأن في وسع الأعداء ان يديروا حوار الخلاف، بيننا الى الحدود التي يريدونها ليعطوا للقتيل صورة القاتل التي يرسمونها وليتحول القتلة الى مشاهدين·
لذلك، فإن اغتيال ناجي العلي، في لحظة الخلاف العائلي العابرة، هو جريمة نموذجية اتقن الأعداء صناعتها بقدرتها على تأويل جرائم اخرى ليس اقلها دناءة التشهير بتربيتنا الأخلاقية، بل محاولة منعنا من تطوير ما يميزنا، قليلا، عما يحيط بنا من انحطاط، وهو: حق الاختلاف في الرأي، ومحاولة محاصرتنا بأحد خيارين: أما القطيع، وإما القطيعة· كان في وسعنا، ومن حقنا، ان نختلف وان نواصل التعبير عن الاختلاف، في مناخ افضل، على ما يعتقد كل واحد منا انه الطريق، أو الأداة، او اللغة، او الشكل، الاقرب الى بلوغ الحرية والوطن، فذلك هو احد مكونات حريتنا الذاتية ووطننا المعنوي، واحدى سمات نشاطنا الوطني المغايرة لامتثال القطيع، لذلك، فإن اختراق العدو جبهة حوارنا هو محاولة لايصال العلاقة بين من استعصوا على ان يكونوا قطيعا الى علاقة القطيعة·
من هنا، فإن الوفاء لشهدائنا ولذاتنا لا يتم بالقطيعة، بل بتطوير مضامين هويتنا الديمقراطية، وخوض معركة الحرية ومعركة الديمقراطية داخل الحالة الفلسطينية بلا هوادة وبلا شروط·
فلا الورد الملكي يبكي علينا·
ولا مسدسات الاغتيال ولغة الاغتيال تجهز من أجل الوطن·
فلماذا يغتالون الشهداء مرة ثانية، بأن يُضفوا عليهم هوية ليست لهم·
إن ناجي العلي لنا، منا، ولنا·· ولنا·
لذا، ليس من حق سفاحي الشعب الفلسطيني ان يسرقوا دمعنا، ولا ان يخطفوا منا الشهيد· فهذا الشهيد الذي كان شاهدا علينا هو شهيد ثقافتنا، شهيد الطرق المتعددة الى الوطن·· وهو أحد رموز الرأي المغاير داخل الحالة الفلسطينية المغايرة لما يحيط بها من قمع·
إن ناجي العلي احد مهندسي المزاج الوطني، وهو احد نتاجات الابداع الوطني هو ابننا واخونا ورفيق مذابحنا وأحلامنا، وخالق حنظلة الخالد، القادر على ان يُسمي هويتنا بتأتأة تضحكنا وتبكينا·
لقد رحل، ولكنه خلّف خلفه تراثا هو تراثنا الجماعي، تراث شعب يتكون بكل ما يمتلك من وسائل التكوّن·
من الطبيعي ان يتكاثر الذباب حول الدم· فهل أخذ الذباب وقتا كافيا ليعتاش من دمنا المسفوك في كل ناحية؟ كفى، كفى·
ان تعميم ابداع ناجي العلي على جيل اليوم وعلى جيل الغد هو مهمتنا، وان تكريم هذا المبدع المتميز هو واجبنا· ومن كان منا بلا خطأ أو خطيئة، فليطبق بصوابه المطلق على عمرنا كله·
لذلك، فإن من أول شروط الوفاء لهذا المسير الطويل الى الوطن والحرية والإبداع، ان ندعو الى تشكيل لجنة وطنية لتخليد ذكرى ناجي العلي، الذي امضى عمره حاملا ريشته الفذة، حافرا في كل صخر اسم وطنه الذي يستعصي على النسيان، الاسم المنذور للنصر·
************
ناجي خبرنا اليومي
أغبطه كل صباح، أو قل إنه هو الذي صار يحدد مناخ صباحي، كأنه فنجان القهوة الأول، يلتقط جوهر الساعة الرابعة والعشرين وعصاراتها فيدلني على اتجاه بوصلة المأساة وحركة الألم الجديد الذي سيعيد طعن قلبي.. خط .. خطان.. ثلاثة ويعطينا مفكرة الوجع البشري .. مخيف ورائع هذا الصعلوك الذي يصطاد الحقيقة بمهارة نادرة، كأنه يعيد انتصار الضحية في أوج ذبحها وصمتها.
ودائماً أتساءل: من دله على هذا العدد الكبير من الأعداء الذين ينهمرون من كل الجهات ومن كل الأيام ومن تحت الجلد أحيانا؟
إنسانيته المرهفة هي التي تدله، الإنسان الطاهر فيه أشد حساسية من رادار معقد .. يسجل بوضوح كل مخالفة تعتدي أو تحاول الاعتداء، انه الحدس العظيم والتجربة المأساوية، فلسطيني واسع القلب، ضيق المكان، سريع الصراخ وطافح بالطعنات، وفي صمته تحولات المخيم.
احذروا ناجي، فإن الكرة الأرضية عنده صليب دائري الشكل، والكون عنده أصغر من فلسطين، وفلسطين عنده المخيم، إنه لا يأخذ المخيم إلى العالم، ولكنه يأسر العالم في مخيم فلسطيني ليضيق الاثنان معا، فهل يتحرر الأسير بأسره؟ ناجي لا يقول ذلك. ناجي يقطر، يدمر، ويفجر، لا ينتقم بقدر ما يشك، ودائما يتصبب أعداء.
وليس فلسطيني ناجي فلسطينيا بالوراثة وحدها، كل الفقراء في علاقة ناجي فلسطينيون، والمظلومون والمسحوقون والمحاصرون والمستقبل والثورة .. كلهم فلسطينيون.
لم يغلق دائرة الذاكرة، لأنه لم يحمل العذاب من حادثة، ولم يحمل الجرح من واقعه، مفتوح على الساعات القادمة وعلى دبيب النمل وعلى أنين الأرض، يجلس في سر الحرب وفي علاقات الخبز، جوهري جوهري حتى النخاع- هذا هو ناجي الذي يغنيك عن الجريدة ويعني الجريدة عن الكتابة.
وهذا الفنان قليل الاكتراث بالفن، هكذا يبدو لي بقدر ما هو فنان، ولا يبدو لي أن الفن يفرحه أكثر من ذلك لا يبدو أن الفن يعنيه، لأن الفن يسيل من أطراف أصابعه، ولأنه ممتلئ بالناس الذين لا ينضبون.
يحتاجه الغضب والرفض ولا يتألق في النجاح كل ما يملكه وسيلة ولا غاية له إلا في الجمال، لأنه لا يريد الفن لذاته حتى لو أبدع الفن جمالا لذاته، ذلك يعتبره ترفا والناس مازالوا محتاجين إلى القمح، ولكن القمح جميل أيضا يا ناجي.
***************** | |
|
| |
طبيب جراح
*¤مدير المنتدى¤*
عدد الرسائل : 3918 العمر : 37 علم الدولة : رسالتي :
تاريخ التسجيل : 10/09/2007
| موضوع: رد: ناجي العلي 21/12/2007, 7:18 pm | |
| | |
|
| |
طبيب جراح
*¤مدير المنتدى¤*
عدد الرسائل : 3918 العمر : 37 علم الدولة : رسالتي :
تاريخ التسجيل : 10/09/2007
| موضوع: رد: ناجي العلي 21/12/2007, 7:18 pm | |
| | |
|
| |
غربة الروح
*¤مشرفة قسم¤*
عدد الرسائل : 2406 العمر : 40 علم الدولة : رسالتي :
تاريخ التسجيل : 02/10/2007
| موضوع: رد: ناجي العلي 26/12/2007, 12:42 am | |
| بجد يسلموووو دكتوووور لمجهودك الطيب معنا ويعطيك الف عافية تحياتي دمت بخيرررر | |
|
| |
صدى الكلمات
*¤المشرفة العامة¤*
عدد الرسائل : 3387 العمر : 38 علم الدولة : رسالتي :
تاريخ التسجيل : 15/09/2007
| موضوع: رد: ناجي العلي 26/12/2007, 7:20 am | |
| "لا أبالغ إذا قلت إنني قد أستمر به بعد موتي" *** ناجي العلي سخصية عظيمة ستظل باقية بقاء الدم في الجسد وستبقي يا حنظلة رمزا يسلمووو محمد مجهود كبير ورائع بحق مناضلنا الكبيررر يعطيك الف عافية تحياتي لمجهودك الطيب | |
|
| |
فارس الليل
*¤عضو متقدم¤*
عدد الرسائل : 753 العمر : 33 علم الدولة : رسالتي : <!--- MySMS By AlBa7ar Semauae.com --><form method="POST" action="--WEBBOT-SELF--"> <!--webbot bot="SaveResults" u-file="fpweb:///_private/form_results.csv" s-format="TEXT/CSV" s-label-fields="TRUE" --><fieldset style="padding: 2; width:150; height:104"><legend><b> My SMS </b></legend> <marquee onmouseover="this.stop()" onmouseout="this.start()" direction="up" scrolldelay="2" scrollamount="1" style="text-align: center; color=black; font-very large: Tahoma; " height="78">اكتب رسالتك هنا</marquee></fieldset></form><!--- MySMS By AlBa7ar Semauae.com --> تاريخ التسجيل : 15/09/2007
| موضوع: رد: ناجي العلي 26/12/2007, 4:21 pm | |
| مشكور حبيبي وما قصرت دمت بخير | |
|
| |
طبيب جراح
*¤مدير المنتدى¤*
عدد الرسائل : 3918 العمر : 37 علم الدولة : رسالتي :
تاريخ التسجيل : 10/09/2007
| موضوع: رد: ناجي العلي 27/12/2007, 6:17 am | |
| مشكووووووووورين حبايبي على المرور منورين تحياتي لكم جميعا | |
|
| |
| ناجي العلي | |
|