عَزْفٌ عَلَى أَنْقَاضِ الْفَقْد ."!

عَزْفٌ عَلَى أَنْقَاضِ الْفَقْد ."!



مَدْخَلْ :

وَتَتَشَابَكُ الآلامُ بِدَاخِلِي
دَاعِيَةً إِيَّاي لِلَحَظَاتٍ قَاسِيَة
أَتَشَتَّتُ عَلَى إِثْرِها
وَأُصْبِحُ أَدَاةً عَمِيقَة
لآ تَخُطُّ سِوى فَوْضَى أَحْرِف
تَتَحَرَّرُ بِهَا مِن قُيودِ الـ " آهِ " السَّاكِنَة

.
.
.

سَيُغْدِقُ عَلَيَّ بِالْرَّحِيلِ
وَفِيَّ جُزْءٌ مِنَ الْطُفولَةِ يَرْفُضُ أَنْ يُفَارِقَنِي
يَتَمَكَّنُ مِنِّي
فّمَهْمَا بَلَغَتْ الـ [ أَنَا ] مِن الإِدْرَاكِ بِشَرْعِيَةِ الْرَحِيل
تَبْقَى فِي صِرَاعٍ صاخبٍ مَعَ الْطُفُولَةِ إِلَى حَدِّ الْتَنَاقُض
وَيَتَوَالَى الْصِّرَاعُ عَلَى دَرَجَةِ الْحْزْن
حَتَّى يُطِلَّ ذّاكَ الْمَسَاءُ الْمَوْعُود
مَسَاءُ الإِخْبَارِ بِمَوْعِدِ الْرَّحَيل
وَ مِنْ ثَمَّ اللْقَاءُ الأَخِيْر

.
.
.

لأَوَّلِ مَرَّةٍ أُدْرِكُ فِيْهَا أنَّي أَتَنَفَّسُ الْصَّعَدَاء
أُعُبِّرُ عَنْ قَلَقِي لِمُفَارَقَتِه وَلِلْمَرَّةِ الأُولَى فِيْ حَيَاتِي
وَأُجَفِّفُ دَمْعَةً فَاضَتْ عَنْ شَجَن
إِسْتَثَارَتْهَا فِكْرَةُ الإِفْتِقَادِ وَلَحَظَاتُ الْوَدَاع
أُحَاوِلُ أَن أَسْتَعْرِضَ جُمْلَةَ وَدَاع أَتَثَبَّتُ بِهَا
فَأَتَلَعْثَم لِمَا يَجِيشُ فِي قَلْبِي مِن اضْطِرَاب
وَلِمَا خُفِقْتُ بِهِ مِنْ رَعْشَةِ الْمُفَاجَأَهـ

.
.
.

لاَجَدِيدَ ؛
كَكُلِّ مَرَّةٍ أُحاولُ إفْتِعَالَ الْثَّبَاتِ إِلَى أَنْ يَعْتَرِينِي الْتَّعَب
فَأَعُودُ لأَدْفِنَ رَأْسِي فِي صَدْرِه وَاجِمَةً حَائِرة
لا أَدْرِي هَلْ أَنَا فِي حَقِيقَةٍ أَمْ يَكْتَنِفُنُي الْسَرَاب !



رَهِيبَةٌ هِيَ تِلْكَ الْحَظَات , تُصَافِحُنِي تَضَارِيسُها حَتَّى الْسَّاعَةِ
وَكَأَنِّي أعِيْشُها مَرَّةً أُخْرَى فَيَتَعَكَّر مِزَاجِي
وَتَجْتَمِعُ عَلَيَّ الْذَّرْوَتَيْن
ذَرْوَةُ الإِفْتِقَادِ وَ ذَرْوَةُ الإِشْتِيَاقِ الْخَانِق
وَمَا أَقْسَاهُمَا عَلَى رُوحٍ كـ " رُوْحِي "
حَتَّى أَنِّي بِتُّ أَخْشَى مِنْ تَشْخِيصِ الْعُيُونِ الْفَاحِصَة
أَنْ تَفْتَضِحَ مَكْنُونَاتِ دَوَاخِلِي


.
.
.


وَلأَنَّهَا قَاسِيَةٌ أَقْدَارٌ فَرَّقَتْنا
فَقَاسِيَةٌ هِي أَيَّامِي بِدُونِك
لَهَا وُجُوهٌ غَرِيبَة
وَفِيهَا أَسْرَارٌ مَجْهُولة
أَتَمَنَّى الْظُّفْرَ وَلَوْ بِالْقَلِيلِ مِن الْنِّسْيَان
إِلاَّ أَنَّ ذَاكِرَتِي تُوقِظُ مَجْرَى لَوْعَتِي
وَتَدْفَعُنِي فِي أَحْيَانٍ كَثِيْرَةٍ لِلْخَلاصِ مِنِّي
وَالإِنْتِهَاءِ مِنْ مُعَانِتِي
فَلاَ قَادِمَ يَقْذِفُكَ تِجَاهِي
كُلُّ مَا أَتَمنَّاه رَجَاءٌ كَسِير فِي حُلُمٍ قَصِير
لا يَتَعَدَّ مُفْرَدَاتِ اللّقَاء
والأَمَل بِفُرْصَةِ قَضَاءِ بُرْهَةٍ مَعَك
لا لِشَيء ؛ وَإِنَّمَا لأُخْبِرك
[ … كَمْ اشْتَقْتُكَ فِي غِيَابِك … ]

.
.
.

مخرج :

وَيَظَلُّ الإِفْتِقادُ يَمْنَحُنِي
سَكْرَةَ وَجَعٍ لاتَضْمَحِل
وَإِنَّمَا تَسْتَرْسِلُ وَتَتَمَادَى
مُبْقِيَةً عَيْنَاي عَلَى
فَوْضَى الأَحْرُفِ شَاخِصَة

تحياااتي